ArabicEnglishFrenchGermanItalianRussianSpanish

gh531

نقطة ضوء

آخر الأخبار

نقطة ضوء
random
جاري التحميل ...

حرب المدفعية/ واصف عريقات ابو رعد

  

حرب المدفعية/ واصف عريقات ابو رعد

واصف عريقات ابو رعد

التاريخ : 01 / 06 / 2008 

لم يكن أحد يعلم سر استهداف الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية لفارس المدفعية الشهيد الملازم نجم بدران (أبوخالد) من كوبر قضاء رام الله،( بعد فشل محاولة اغتيال قائدها وعبر عميل من أبناء المنطقة كانوا قد زرعوه)، الا حينما قامت اربعة طائرات بمهاجمة مواقع المدفعية و قيادة سلاح المدفعية المشتركة في منطقة تفاحتا قرب الزهراني - جنوب لبنان، ودمرته بالكامل، تبين بعدها أنه كان سيناريو للخلاص من رجال المدفعية وهم متجمعين في بيت العزاء الذي توقعوه في مقر قيادة المدفعية ،

 لكن ارادة الله وفطنة القادة الذين تنبهوا للنوايا الاسرائيلية الخبيثة حيث قرروا نقل جثمان الشهيد الى دمشق وتقبل العزاء الى جانب أهل الشهيد قرب السيدة زينب، ولم يتأخر رفاق درب الشهيد نجم في الرد على العدوان الذي جاء في نفس اليوم وتحدثت عنه صحيفة هآرتس يوم 10 أيار 1982 وجاء فيها "ردا على عملية سلاح الجو الاسرائيلي ضد ثلاث قواعد (للمخربين) في لبنان أمس ،

 أطلق (المخربون) من قواعدهم حوالي مئة صاروخ على إصبع الجليل، والجليل الغربي" وجاء هذا الرد صفعة

جديدة بعد فشل الغارة الجوية في تحقيق هدفها، لكن شهيدا مدنيا من بلدة تفاحتا سقط خلال الغارة وأثناء مروره عبر المنطقة المستهدفة، فأصر الشهيد أبوعمار" رغم تحذيره من خطورة الوضع حيث تفوح رائحة الحرب " على تقديم واجب العزاء بنفسه لأهل الشهيد في بلدته - تفاحتا، والتي كان لها أثر كبير في تخفيف مصابهم، وكانت آخر مناسبة اجتماعية يشارك فيها الشهيد ابوعمار في جنوب لبنان وذلك يوم 11 ايار 1982 .

 شرارة الحرب وفي يوم الخميس 3 حزيران وقعت عملية إطلاق النار على السفير الاسرائيلي شلومو أرغوب في لندن، بينما كان خارجا من احتفال أقيم في فندق" دور تشستر " اعتبرها رئيس الوزراء" مناحيم بيغن "اعتداء على اسرائيل، واتفق مع رئيس الاركان "رفائيل ايتان" حيث كان وزير الحرب "شارون" في زيارة سرية بالخارج، على تنفيذ خطة اتفق على تسميتها "اورانيم الوسطى " “الصغرى” كانت خلال عملية اجتياح نهر الليطاني عام 1978 ،

 وتقضي الخطة بأن يقصف سلاح الجو الاسرائيلي تسعة أهداف في بيروت، وسبعة في الجنوب، وبعد نقاش في مجلس الوزراء عدلت الخطة، كما تم الحصول على موافقة الحاخام " مائير" بالقصف يوم السبت إذا اقتضت الحاجة، ومع عودة شارون يوم 4 حزيران، باشر باستدعاء الاحتياط، ومع تلاشي الغيوم التي أعاقت عملية القصف حتى العصر ،وعند الساعة 1515 بدأت الطائرات الاسرائيلية تقصف أهدافها في بيروت (المدينة الرياضية ومخيم برج البراجنة ) ثم الجنوب (صربا، تلة حومين الفوقا ، الجرمق، صور ، مخيم الرشيدية، الجية على الطريق الساحلي ) كما شمل القصف القطاع الشرقي والعرقوب (كوكبا ، حاصبيا ، الحاصباني )، فردت المدفعية الفلسطينية المشتركة بقصف مستوطنات وتجمعات الجيش الاسرائيلي في ( معيان باروخ، شاريا شوف، يوسف ترمبلدور، دان ، هاغوشريم، هونين، كفار جيلادي، قدس، النبي يوشع، بيشوم ، عين السيوف، نهاريا ، مطار البص العسكري، المطلة ، مسكاف عام ، ريحانية ، كريات شمونه، بالاضافة لحشوداتهم العسكرية في مرجعيون والقليعة والشريط الحدودي ) وقد نجا الوزير يعقوب مريدور من القصف أثناء وجوده في كريات شمونه، واستمر قصف الطيران الاسرائيلي التدميري التمهيدي على الاهداف الفلسطينية، والقصف المدفعي الفلسطيني المعاكس على الحشودات الحربية الاسرائيلية على مدار يومين،

وتوصل مجلس الامن الدولي الى قرار وقف اطلاق نار اعتبارا من الساعة السادسة من صباح يوم 6 حزيران، وعند الساعة 1100 يوم 6 حزيران بدء الهجوم الاسرائيلي واجتاحت الدبابات الاسرائيلية الحدود" غير آبهة بوقف اطلاق النار وعلى الرغم من وجود قوات الطوارىء الدولية وربما بتواطؤ معها"، واستهدفت المدن اللبنانية الرئيسية والمخيمات الفلسطينية وعبر خمسة محاور برية رئيسية وأضعافها ثانوية وهي:

  - 
المحور الغربي - صور (رأس الناقورة – صور، راس البياضة – صور، جويا – البرج الشمالي) .

  -
المحورالبحري- صور( انزال بحري على البص ومفرق العباسية) والبحري- صيدا (رأس جسر من البحر

 – الجسر الاولي والرميلة شمال صيدا، والمنطقة الصناعية جنوب غرب ). ، تلا ذلك تقدم بري من جزين وصربا ومن النبطية والزهراني ومن صور باتجاه صيدا ثم الدامور وخلدا الى بيروت.

  -
محور الاوسط – النبطية- قلعة الشقيف (الطيبة- جسر القعقعية-النبطية،الطيبة – النبطية – الزهراني ، القليعة – جسر الخردلي – قلعة الشقيف ، القليعة - جسر الخردلي – العايشية).

 - 
المحور الشرقي ( مرجعيون – بلاط – كوكبا – حاصبيا، شبعا – كفر شوبا – راشيا الفخار – حاصبيا، شبعا – راشيا – سحمر ويحمر - القرعون، شبعا - الهبارية – الفريديس – حاصبيا - البقاع).

 - 
الانزالات الجوية (شرق صيدا تلة شرحبيل، وبسري وحصروت وبعقلين والباروك في الشوف، وجنوب صيدا على تلال الزهراني وتفاحتا، وعلى تلال عين عطا في القاطع الشرقي).
 
بلغ حجم القوات المهاجمة على المحاور كافة في اليوم الاول: 50 ألف جندي منهم 12 ألف مظلي، تساندهم 124 طائرة مقاتلة رئيسية ( صف أول )،مئات الطائرات العامودية، 1200 دبابة، 2500 ناقلة جنود مدرعة، 400 مدفع متوسط وثقيل، 400 مدفع ميداني وهاون، 20 زورق صواريخ،5 بوارج حربية، ومع تطور الهجوم على المحاور وبحسب تقدم القوات الاسرائيلية، بلغت ثلاثة أضعاف اليوم الاول أي 150 ألف جندي.

رسمت خطة الجيش الاسرائيلي الهجومية على قاعدة أن الفدائيين الفلسطينيين ضيوف على الارض اللبنانية وليسوا من النسيج الوطني اللبناني ولديهم (الفلسطينيون ) تعليمات بعدم الاقتراب من السكان المدنيين لتجنيبهم الحرب وامكانياتهم متواضعة  وهم أقرب للجيش النظامي ( المكبل بالمواقع الثابتة ) من حرب العصابات لغياب الجيش اللبناني عن الحدود وعن هذه المواقع، وهم بالتالي مضطرون للتمسك بها والدفاع عنها، مما جعلهم أهدافا سهلة امام قوات الاحتلال، و لن يكون هناك امكانية انخراط المقاتلين الفلسطينيين بين السكان اللبنانيين ومساكنهم للاشتباك القريب مع القوات المهاجمة أو تحييد الطائرات والدبابات، ، لذلك اعتمد الجيش الاسرائيلي اسلوب الحرب الشاملة لارباك القيادة الفلسطينية وزرع الفتنة بين الفلسطينيين واللبنانيين، والحرب الخاطفة واحداث خرق سريع باستخدام قوات كبيرة بعد تدمير شامل لمحاور التقدم كافة ، ومهاجمة كل المواقع في نفس الوقت، حيث هوجمت صيدا في نفس الوقت الذي هوجمت فيه قلعة الشقيف وصور والنبطية والقاطع الشرقي وذلك لمنع اسلحة الاسناد من تقديم النيران المساندة وتشتيت القوات وفكفكة المواقع وإجبارهم على القتال الفردي والتأثير على معنوياتهم  وضرب عنصر السيطرة والقيادة، وعزل وتطويق للمواقع الثابتة .

ومعروف أن القوات الفلسطينية واللبنانية المدافعة عن الجنوب متواضعة جدا في عديدها وعتادها، وعلى الرغم من ذلك قاتلت هذه القوات ببسالة وأعاقت تقدم القوات الغازية وأوقعت عدد كبير من الخسائر في صفوفهم، وخير مثال على هذا القتال
 
معارك قلعة الشقيف وأبطالها الذين صمدوا خمسة أيام ، في موقع يعرف بالعلم العسكري على أنه هدف قشرة لقربه من الحدود ولأنه معزول، ولعدم توفر امكانيات الصمود فيه وخططوا لاحتلاله في الدقائق الاولى من الهجوم،

 لكن الجنرال "شاؤل نكديموت" أحد المشاركين في الهجوم على النبطية والقلعة في شهادته عن القتال هناك قال : "قلعة الشقيف مثلا..(13) طائرة قامت بقصف مكثف لهذه القلعة، وكنا نعتقد بأن أطنان القنابل التي ألقيت عليها لم تدمرها فحسب بل ومسحتها عن وجه الارض..مسحتها تماما ولن نجد أثرا لفلسطيني واحد، اتضح لنا أنها ما تزال على حالها وأن أحدا من المقاتلين الفلسطينيين فيها لم يصب بأذى نتيجة لكل ذلك القصف الجوي الطويل، والحقيقة يجب أن أقول هنا بأن المعارك الطاحنة التي دارت حول قلعة الشقيف، وفي داخلها، والخسائر الكبيرة التي تكبدتها قواتنا في هذه المعارك كانت بمثابة علامات الشؤم بالنسبة لنا" .

أما آخر قائد هجوم على القلعة "حيث قتل وجرح معظم الذين سبقوه" وهو المقدم دوف حيث قال : " كان عددهم 33 فلسطينيا، ومعظمهم من قوات "فتح" ولم نأسر أي منهم لانهم قاتلوا حتى الموت، ولم يستسلم أحد، لقد دهشنا جميعا من ضراوة مقاومة هؤلاء الفلسطينيين"، وهذا ما دفع رئيس هيئة الاركان ايتان لاداء التحية العسكرية لهم، وبرهن الشهيد يعقوب سمور( راسم) ابن قبلان) والذي وجدت جثته وجثة شهيد يمني في القلعة ونقلتا الى مخيم عين الحلوة قبل 3 سنوات) وإخوانه الابطال الذين استشهدوا معه أن إرادة الثوار أقوى من جبروت الاحتلال، وأصبحت قلعة الشقيف وأبطالها كقلعة بريست ورمزها الرائد السوفياتي" بيوتر غافريلوف". وعلى غرار القلعة وبدرجات متفاوتة جرى قتال في مخيمات عين الحلوة والرشيدية و البص والبرج الشمالي ووادي جيلو والدامور ومثلث خلدة (الملحمة ) والجبل والبقاع ومعظم مواقع التقدم الاسرائيلي في صور وصيدا والزهراني والنبطية والعايشية وحاصبيا والعرقوب شهد له ضباط وجنود الاحتلال الذين شاركوا في الميدان، جاء القتال في هذه المواقع تبعا للامكانيات المتواضعة المتوفرة وبعيدا عن المقارنة مع عدد القوات المهاجمة، وفي ظل سيطرة جوية مطلقة وتفوق بري بمئات الاضعاف بالجنود والدبابات والمعدات الاخرى، وفي غياب دفاعات جوية تساند المقاتلين و المدفعية التي تساندهم ، ولم يعط الجيش الاسرائيلي الفدائيين الفلسطينيين فرصة المواجهة الميدانية، الا أن الفلسطينيون نجحوا في استدراجهم للقتال في المخيمات لذلك طال أمد القتال هناك وأوقعوا خسائر كبيرة في صفوفهم، مما حدا بقادة الاحتلال الميدانيين للقول عنهم بأنهم رجال لايهابون الموت، كما تحدثوا عن الاشبال وشجاعتهم وقدراتهم القتالية وخاصة في استخدام ال.ر. ب. ج المضاد للدبابات والهجوم بالقنابل اليدوية على ابراجها وتمكنوا من اعطاب وتدمير عدد من دبابات الميركافاه المميزة، وعنهم تحدث النقيب دانييل بينتو وهو في عين الاسرائيلين ( بطل اجتياح 1978 ) لأنه قام بتعذيب وتشويه أسرى فلسطينيين، وألقى جثثهم في بئر ماء، جاء لحرب 1982 وأقسم بأنه سيعود حاملا رأس فدائي فلسطيني، لكنه عاد يحمد ربه بأن رأسه لايزال فوق جسده، بعد أن جرح في مخيم عين الحلوة.

وفي الدامور
 تكللت خطط الفدائيين بالنجاح حينما انسحبوا الى داخل الحارات وكمنوا في البنايات ولاذوا بالصمت عند حدة الهجوم وامتصوا الضربات الاولى فاعتقد الاسرائيليون انهم انسحبوا كليا، ثم انقضوا عليهم ودارت اعنف المعارك تحدث عنها العقيد يهوشع ايلاتي (وهو القائد الثالث لمعارك الدامور بعد مقتل الاول والثاني) فقد اعترف بأنهم فقدوا في الدامور 74 مدرعة ودبابة بالاضافة الى 300 قتيل وجريح منهم 12 ضابط، وقال ان الفلسطينيين عدو خطير ، لقد رفضوا الاستسلام رغم أنهم يدركون أن لا منفذ أمامهم.

أما ملحمة خلدة التي قاتل فيه الفدائيون الفلسطينيون ببسالة منقطعة النظير كانت مثار جدل بين قادة الاحتلال وكيف تسنى لحفنة من الرجال الصمود في مثل هذا الموقع المحاصر من جهاته الاربعة وسماؤه أيضا، بل وأستولوا على مجنزرات وناقلات مدرعة، ولم يتوقفوا عن القتال رغم التوصل لوقف اطلاق نار (باستثناء قوات م. ت. ف ) والذي دخل حيز التنفيذ عند الساعة 1200 ظهرا يوم 11 حزيران، ولم يتمكن الاسرائيليون من السيطرة على موقع خلدة الا باستشهاد قائدها العقيد عبدالله صيام ومجموعة من رفاقه وذلك يوم 13 حزيران .

وبعد عشرة أيام من القتال المتواصل الذي لم يتوقعه الاسرائيليون، ومع السيطرة على عقدة خلدة تسنى للجيش الاسرائيلي التمدد نحو المنطقة الشرقية حيث تم الاتصال والتواصل مع قوات الكتائب وأطبقوا الحصار على بيروت.
المجد والخلود لمن سطروا بدمائهم أروع الصفحات النضالية المشرفة ورفعوا الهامات عاليا واستشهدوا وهم يرددون: من يريد العزة والكرامة يجدها في بيروت.


وفي بيروت بدأت ملاحم البطولة والصمود....!!!!!!
 واصف عريقات ابو رعد

خبير ومحلل عسكري 

عن الكاتب

alkilani53

التعليقات


اتصل بنا