عام 1939 عشق الشاب أحمد عزيز امرأة من أجمل ما أنجبت قريته
الكوكيكات قضاء عكا، كان اسمها رفيقة نايف حمادة، عشقها أحمد عزيز عشقاً جارفاً مجنوناً،
فتزوجها لمدة اسبوع لكنها تركته لتتزوج قريبها، مخلفة وراءها جراح موغلة في صدر أحمد
الذي تزوج لاحقاً بامرأة أخرى لكنه ظل يعشق "رفيقة" ولم يكن بوسعه كتابة
القصائد لها لئلا تصير قصتها على كل لسان فما كان منه إلا أن أسماها باسمٍ رمزي
"جفرا" أي انثى الغزال، كدلالة لجمالها، فشاعت قصائد جفرا، وصارت على كل
لسان، لتصير جفرا رمزاً فلسطينياً بامتياز، وحين قطّعت النكبة أوصال الفلسطينيين وصارت
الكويكات بقايا حطام، ضاعت القصة بين القصص.
تجذرت جفرا في التراث الفلسطيني، وصار الكثيرون يسمون بناتهم
باسمها، كحال عائلة النابلسي التي أسمت ابنتها بجفرا، درست جفرا النابلسي في الجامعة
لامريكية ببيروت وهناك التقاها شاعر فلسطيني آخر هو "عز الدين مناصرة" وعاش
معها قصة حب جميلة جعلته يعود للتراث الفلسطيني للمقابلة بين ما كتب عن جفرا في التراث
وبين جفراه هو، لكن جفرا النابلسي استشهدت مبكراً عام 1976 في قصف طائرات الاحتلال
لبيروت، فما كان من الشاعر سوى أن خلدها في قصائده وفي اعمال مميزة كـ "جفرا الوطني
المسبي" ومرة أخرى صارت جفرا جديدة، رمزاً فلسطينياً حيث ترجمت قصائد جفرا لأكثر
من عشرين لغة حول العالم وتم اعادة انتاجها مسرحياً وسينمائياً وموسيقياً في عشرات
الأعمال العالمية.
كل ذلك ولم يكن يعرف عز الدين مناصرة قصة جفرا الحقيقية ولا
أحمد عزيز، عام 1982 جمعتهما الصدفة أثناء أمسية شعرية في مخيم عين الحلوة، التقى مناصرة
باحمد عزيز لتكتمل قصة جفرا التراثية (رفيقة حمادة) وجفرا النابلسي (الشهيدة)، ولتصير
جفرا رمزاً متجاوزاً لكل الاسماء فيها اختزال الحكاية وملخص الفُقد في الروح، جفرا
هي الحبيبة الغائبة التي لا تعود.
(الصورة لعز الدين مناصرة
واحمد عزيز في لقاءهم الأول عام 1982 (.
المصدر: خزائن
إرسال تعليق