الجاسوس الفلسطيني عدنان ياسين
انه عدنـان ياسين الملقب بـ أبو هانـي ، مـن مـواليد بـلدة السافرية – فلسطين عام 1948. متزوج من ابنة عمه وله منها 3اولاد ، جهاد وهاني وعايدة، كما يشرف على كفالة طفلين لشقيق زوجته الذي استشهد خلال سنوات الحرب اللبنانية . يقيم في تونس منذ عام 1970، انضم إلى حركة فتح عام 1968.
كان عدنان ياسين يعمل بوظيفة مدير مكتب منظمة التحرير بالوكالة في تونس يوم كانت المنظمة تتخذ من تونس مقرا لها ... أي ان عدنان ياسين كان يشغل اهم منصب في تونس وانه يعرف كل صغيرة وكبيرة عن المنظمة ونشاطاتها ... ويقول الفلسطينيون انه عندما كان المواطن الفلسطيني يراجع عدنان ياسين في مسألة تتعلق بهوية او جواز سفر او تصديق اوراق دراسية الخ كان عدنان ياسين يطلب من المراجع ان يقدم له طلبا مع ثلاث صور شخصية .... وعندما يسألوه : لماذا ثلاث صور ؟ كان يجيب : واحدة للمعاملة وواحدة للاضبارة وواحدة للموساد. طبعا ... كان المراجعون يضحكون على النكتة ويشيدون بخفة دم مدير مكتب المنظمة عدنان ياسين ... وتبين بعد اعتقاله انه لم يكن ينكت ... ولم يكن يمزح ... وانه فعلا كان يرسل صورة عن كل ورقة او معاملة الى الموساد.
تجنيد عدنان ياسين
يقول الكاتب “الإسرائيلي” رونين بيرغمان انه في صبيحة احد الأيام من شهر مارس/آذار 1990، كان عدنان ياسين يجلس مع بعض زملائه من أعضاء منظمة التحرير يتناولون الفطور في فندق “ميريديان مونبارناس” في باريس، والى الطاولة المجاورة لهم جلس رجل انيق الملبس مع ملامح شرق أوسطية وقد وضع مفتاح غرفته على الطاولة وهو يقرأ صحيفة مطبوعة على ورق اخضر باهت (صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية التي تصدر في لندن وتوزع في انحاء العالم). ولم تكن هذه الأشياء (الصحيفة.. والمفتاح) على الطاولة مجرد مصادفة، بل كانت إحدى الركائز التي يستند اليها عميل وحدة “المفصل” لإقامة الاتصال الاولي مع الشخص المستهدف للتجنيد، ذلك أن هذه المرحلة من عملية التجنيد هي مرحلة حساسة جداً وتتطلب انضباطاً وصبراً.
يشرح أحد ضباط وحدة “المفصل” الذي كان على صلة بعملية “جزة الصوف الذهبية” عملية التجنيد قائلاً: “أهم شيء في هذه اللحظة هو العمل على خلق السبب للجانب الآخر لكي يبادر بالقيام بالخطوة الأولى للاتصال، او على الأقل أن لا تتصرف بما يثير الشبهة ويدفع باتجاه رد فعل عدائي نحوك، فمثلاً يمكن ان تشتبه بشخص يأتي الى محطة الحافلات خلفك، ولكن شُبهتك به ستكون اقل إذا كان هذا الشخص في الحافلة عندما دخلتها انت.
وعندما ادخل الى مصعد مثلاً ويركض خلفي شخص ما مسرعاً للامساك بالمصعد قبل ان يتحرك ومن ثم يخرج من المصعد في الطابق نفسه الذي خرجت اليه، تكون الشبهة كبيرة، ولكن الشبهة ستكون اقل إذا كان الشخص داخل المصعد عندما دخلته انا. نحن نتكلم عن عدد غير محدود من الأمور الصغيرة، ولكنها حساسة وتصنع فرقاً، والهدف منها ترك الأمور تسير بشكل طبيعي”. لذلك فان وجود المفتاح على الطاولة لخلق شعور الالفة وهو مؤشر الى ان الرجل الجالس هناك كان هو أيضاً ضيفا في فندق “ميريديان”، والصحيفة ذات الأوراق الخضراء (الشرق الأوسط) كانت معروفة جيداً للقراء العرب الذين كثيراً ما يسافرون. كان الحظ حليف رجل “الموساد” صباح ذلك اليوم في باريس. لماذا؟ لأن أحد أعضاء المجموعة الفلسطينية الذين كانوا يتناولون الفطور سأل رجل “الموساد” عن أمر ما في الصحيفة ولم يكن هذا الشخص ياسين نفسه، فبادر رجل “الموساد” لإعطائه الصحيفة بطريقة مهذبة ما فتح الباب امام محادثة أولى بين رجال المجموعة الفلسطينية ورجل “الموساد” الذي لم يتكلف عناء التواصل مع ياسين، فقام أحد أعضاء المجموعة بدعوة رجل “الموساد” للإنضمام إليهم، لكنه رفض بتهذيب وغادر المطعم كي لا يثير اية شكوك بإظهار تواقه للتواصل معهم.
في صباح اليوم التالي، تقدم رجال المجموعة نفسها من رجل “الموساد” لتوطيد التعارف بينهم وبينه، فقدّم نفسه على أنه رجل أعمال مصري إسمه حلمي، ومضى الجميع في محادثة تناولت أموراً مختلفة.
بعد يومين، اتى عدنان ياسين الى مطعم الفندق وبدا وكأنه يبحث عن صحبة خلال تناوله وجبته، وكان يتحدث فقط باللغة العربية، لذلك بدا سعيداً عندما وجد حلمي مجدداً يقرأ الصحيفة ذاتها، فسأله إن كان بإمكانه الانضمام اليه، فأجابه حلمي معبراً عن سعادته.
لقد كانت أفضل طريقة لإجراء الاتصال، فعدنان ياسين كان مقتنعاً بأنه هو من بادر الى البدء بالعلاقة ولم يكن لديه أي سبب للاشتباه بشيء، وقد أخبره حلمي انه يعمل في التجارة والاستيراد والتصدير بين فرنسا والعالم العربي، مُلمحاً الى انه يجني الكثير من المال من خلال هذا العمل، فأثار هذا الامر جشع ياسين وجعله يطلب من حلمي أن يلتقيا لاحقاً على الغداء في أحد المطاعم المجاورة للفندق.. فوافق حلمي، ولاحقاً التقيا هناك مرتين ثانيتين.
من خلال المعلومات التي كان يمتلكها “الموساد” عن ياسين، تمكنت وحدة “المفصل” من تكوين صورة غير مغرية عن شخصية الرجل، فقد تم تصويره على أنه مبتذل وغير مثقف وعدواني وخشن المعشر وجل اهتمامه، هو جيبه، وفي تقارير حلمي عنه يقول انه حاول اشراكه بعمليات مالية غير شرعية وعمليات تهريب بضائع الى تونس، ولاحقاً شاهد عملاء “الموساد” بأم العين سلوكه المنحط إزاء زوجته ولا سيما صفعه لها أمام الناس. باختصار، تبين أن ياسين صاحب افضل مقومات مطلوبة لتجنيده مع “الموساد”. ومع تطور علاقة الصداقة بين الرجلين، اخبر حلمي “صديقه” عدنان ياسين انه يصادق رجل اعمال يرتبط بعلاقة وطيدة بالسفارة الإيرانية في باريس، وقد درت عليه علاقته هذه الكثير من الأموال، لكنه لم يعرض على ياسين ان يقدمه لهذا الصديق بل اكتفى بان ادلى بهذه المعلومة كطعم وانتظر بصبر كي يبلع الأخير الطعم، وأخيراً وبعد ان طلب ياسين من حلمي ان يصحبه معه عندما سيلتقي في المرة المقبلة هذا الصديق، تململ حلمي.. وتأتأ قليلاً كصياد يتلاعب بخيط الصنارة ولا يريد ان يسحب الصنارة فوراً فألحّ عليه ياسين لكن حلمي رفض. أخيراً وبعد مرور شهر على تلك الواقعة، وافق حلمي على تقديم ياسين لهذا “الصديق”. وبطبيعة الحال لم يكن هذا الرجل سوى أحد عملاء وحدة “المفصل”، وقد لعب دوره بشكل كامل فوصف لياسين عدداً من مبادرات العمل المستقبلية التي كان يُخطط لها، وقال له انه بالإمكان ان يكون له حصة في البعض منها، ولكن في الوقت نفسه أخبره ان الجمهورية الإسلامية في ايران مهتمة جداً بأحوال الفلسطينيين، وأنه من المهم جداً للإيرانيين ان يعرفوا ان منظمة التحرير تعمل بصورة جيدة و”يقومون بالعمل الصائب”.. وهنا كان يعني الاستمرار بالعمليات “الإرهابية” ضد “إسرائيل” خارج حدودها وتصعيد الانتفاضة الشعبية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال له “الجمهورية الإسلامية في إيران تفعل جهدها لتدمير الكيان الصهيوني ولإعادة ما للفلسطينيين إليهم.. واي معلومات في هذا الإطار سيكون مرحباً بها وسيجزى مقابلها بسخاء”. وقد راهن المسؤولون في وحدة “المفصل” على انه كان من الاسهل على ياسين ان يخون منظمة التحرير ببيع الاسرار الى إيران منها الى عدو المنظمة “إسرائيل”.
وبالفعل نجح الرهان، يقول رونين بيرغمان، وأصبح ياسين استثماراً استثنائياً لجهاز “الموساد”، فمقابل عشرات آلاف الدولارات، زوّدهم بكم هائل من المعلومات ذات القيمة العالية جداً وذلك خلال اجتماعات عقدت خصيصاً لهذه الغاية في باريس. بداية زوّدهم بمعلومات عن المقر الرئيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية في منطقة حمام الشاطئ في تونس، واعطاهم تفاصيل دقيقة عن النشاطات التي تتم فيه يوماً بيوم وعن الخطط التي تُرسم هناك كما اعطاهم تصاميم كل شيء ومن ضمنها البنيان التنظيمي بتفاصيله ومن يجلس في أي مكتب ومن يلتقي بمن، وكيف توزعت سلطات القائد الفلسطيني الراحل أبو جهاد (خليل الوزير) وكيف كانت تتم عمليات نقل السلاح وكيف كان يجري دعم الانتفاضة والتحضيرات التي كانت تجري لهجمات ضد “إسرائيل” وكيف تجري عمليات التجنيد، وكان يُضمّن تقاريره التفصيلية الكثير من النميمة ذات القيمة المعلوماتية العالية. اذ انه كان اول من كشف عن العلاقة القوية التي كانت تتطور بين سهى الطويل ابنة أحد الشعراء الفلسطينيين والرئيس ياسر عرفات الذي اتخذها بداية مستشارة له في مكتبه ليتزوجها بعد ذلك بوقت قصير.
ومن بين المعلومات الهامة، أوصل ياسين الى “الموساد” خطة عرفات واحد ضباطه جبريل الرجوب الهادفة إلى إغتيال إسحاق شامير وارييل شارون إنتقاماً لاغتيال أبو جهاد. وقد جُنّد لتنفيذ هذه الخطة يهودي “إسرائيلي” يعمل كقاتل مأجور وكان محبطاً غارقاً في الدين واسمه رافاييل ابراهام، ولكن ما ان حطّ من الطائرة في “إسرائيل” في أكتوبر/تشرين الأول عام 1992 وهو يحمل كمية كبيرة من الأموال مع خطة الاغتيال حتى أطبق عليه عملاء وحدة “العصافير”، فقد كان ياسين على علم تام بكل تفاصيل الخطة وكان هو من نظم تدابير سفره. وقد علق الرجوب المتفاجئ على ذلك بالقول “حقيقة لا افهم كيف عرف الشين بيت بهذه السرعة، فهو لم يكن قد فعل أي شيء. فقط خرج من الطائرة وسرعان ما طبوا عليه واعتقلوه”.
كان عدنان ياسين نبعاً لا ينضب من المعلومات وثروة لا يمكن تخيل قيمتها، اذ من خلاله استطاع “الموساد” الوصول إلى شبكة تنفذ لائحة الإغتيالات، وذلك ببساطة لأنه هو من ينظم كل تدابير السفر وحجوزات الفنادق لأفراد الشبكة. واحد الأمثلة على ذلك ما حصل في أواخر يناير/كانون الثاني عام 1992 عندما سمحت السلطات الفرنسية عبر الصليب الأحمر الفرنسي للأمين العام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش ان يدخل فرنسا في رحلة علاجية على الرغم من انه كان من بين أكبر المطلوبين لديها ولدى غيرها من الدول الغربية، وبالاستناد الى معلومات ياسين تفحص “الموساد” إمكانية تصفية حبش ولكن الفرنسيين كانوا قد اتخذوا اقصى التدابير لحمايته، لذلك وبدلاً من اغتياله قام “الموساد” بتسريب الخبر ـ الفضيحة الى الصحافة (الفرنسية)، فتسبب ذلك بإحراج شديد لحكومة الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران.
اجهزة التنصت
تمكن مسؤول الامور اللوجستية في منظمة التحرير الفلسطينية عدنان ياسين من تأمين كرسي جديد إلى مكتب القيادة الفلسطيني البارز محمود عباس (أبو مازن)، بالإضافة إلى مصباح كهربائي، بحيث وفّر للإسرائيليين قدرة عالية على التنصت على عباس، وذلك بالتزامن مع إنطلاق محادثات أوسلو. مع هذا “الانجاز”، برز أمرٌ لم يكن بالحسبان، فقد علم رئيس “الموساد” شبطاي شافيت من خلال “الكرسي الغنّاء”، كما كان يطلق على كرسي محمود عباس (ابو مازن)، ان الحكومة الاسرائيلية تدير مفاوضات متقدمة مع منظمة التحرير الفلسطينية من وراء ظهره.
المقعد الطبي
قام ياسين و بتوجيه من الموساد وبمهمة خاصة بتاريخ 13 أيلول عام 1993 في اليوم الذي تم التوقيع فيه على الاعتراف المتبادل بين إسرائيل و منظمة التحرير الفلسطينية في حديقة البيت الأبيض , إذ استغل غياب أحد قباطنة الحدث الاحتفالي " أبو مازن" من اجل إعداد مفاجأة له إذ أدخل إلى مكتبه قطعتي أثاث جديدتين تم شرائهما من محل صغير في فرنسا .
كان ياسين مسئولا عن إدخال وإخراج الشخصيات الهامة إلى تونس ومعالجة شئون جوازات سفرهم مع السلطات التونسية (بما في ذلك الزائرين من إسرائيل ) و عمل على توفير المعدات المكتبية وصيانة أجهزة التصوير و الفاكسات وآلات تقطيع الوثائق السرية .
و أدرك ياسين بأن المقعد الطبي الذي تم شراؤه من باريس بسعر تنزيلات ومصباح الطاولة الأزرق الذي قدم كهدية إضافة لشراء المقعد سيبديان الفرحة في نفس أبو مازن الذي كان يعاني من آلام ظهر مزمنة , لكن أبو مازن لم يعرف شيئا واحدا , لقد عملت أيادي خفية بالاهتمام بالمقعد قبل نقله إلى الشحن من ميناء فرساي . حيث وضعت أجهزة تنصت حساسة تعمل من خلال جسد الجالس على المقعد , تلتقط كل كلمة تخرج من فمه أو تقال بمحيطه , كما أن المصباح الأزرق لم يعد فقط للإضاءة إذ يؤدي إضاءته إلى تشغيل أجهزة تنصت صغيرة توثق المكالمات وتثبت مضامينها إلى كل مهتم بذلك .
و قد كشف النقاب عن أجهزة التنصت بعد أربعة أسابيع في ظروف محرجة جدا و ذلك عندما زل لسان شمعون بيرس وزير خارجية إسرائيل آنذاك , خلال مباحثات طابا التي أجراها مع أبو مازن و عرض معلومات عن حديث مغلق أجراه الرئيس عرفات مع أبو مازن و أبو غنيم و سارع أبو مازن بتقديم تقريره للرئيس عرفات الذي انزعج كثيرا من التنصت الإسرائيلي . وكان دوما كما أسلفت يقول" على أجهزة الأمن الفلسطينية أن لا تغمض أعينها ، فنهاية مرحلة وبدء مرحلة جديدة لا تعني أن إسرائيل أصبحت طرفا يعتمد عليه
خيوط تقود للجاسوس
ويمكن الإشارة إلى ان بداية تكشف خيوط قصة التجسس بدأت مع عملية اغتيال مروعة ذهب ضحيتها عاطف بسيسو، الذي يعتقد بأنه واحدٌ من ثلاثة حلّوا محل صلاح خلف (أبو إياد)، الذي اغتيل في تونس، عشية حرب الخليج الثانية، في قيادة الجهاز الأمني التابع لمنظمة فتح.
وتولى بسيسو، مسؤولية العلاقات مع أجهزة الاستخبارات الأوربية ومن بينها الفرنسية ومتابعة شبكات من المتعاونين في العواصم المختلفة وأيضاً أنيطت به مسؤولية تأمين أمن مسئولي منظمة التحرير.
وفي يوم 8 حزيران (يونيو) 1992، كان عاطف بسيسو الذي وصل فجأة للعاصمة الفرنسية باريس للالتقاء مع مسؤولين من المخابرات الفرنسية، عائداً مع صديقين لبنانيين إلى فندق المريديان مونفرانس في شارع كومندينت موشوط، في العاصمة باريس، عندما اقترب منه رجلان وأطلقا النار عليه من مسدسات مزوّدة بكواتم للصوت وجمعا فوارغ الرصاصات وغابا عن الأنظار.
ويعتبر هذا الفندق فألاً سيئاً على الشخصيات العربية المهدّدة بالاغتيال، ففي 13/6/1980، تم اغتيال الدكتور يحيى المشد في إحدى غرف الفندق، والمشد كما هو معروف كان مسؤولاً في المشروع الذري العراقي.
ويمكن القول إن اغتيال بسيسو شكّل، على الأقل مفاجأة، إن لم نقل صدمة لرفاقه، فالرئيس الفلسطيني الراحل عرفات والقيادة الفلسطينية كانت تخوض مفاوضات مع إسرائيل ضمن الترتيبات التي أفرزتها حرب الخليج الثانية ومؤتمر مدريد، وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وأمام أصابع الاتهام التي وجهت لإسرائيل، نفى اللواء أوري ساغي رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية، أية علاقة لبلاده في الحادث، ولكنه أشار إلى أن بسيسو مسؤولٌ عن قتل الرياضيين الإسرائيليين في ميونخ وعن المحاولات الفاشلة لضرب طائرة العال في روما عام 1978.
وقيل كثير عن ملابسات اغتيال بسيسو وعن طبيعة الرسالة التي حاولت إسرائيل توصيلها والجهة المستهدفة بذلك.
وتدور الشبهات والاتهامات والاعترافات منها أحياناً على مسؤولية الجاسوس -عدنان ياسين -عن اغتيال ثلاث مناضلين في ليماسول قبرص بعد إنذارهم بالرحيل من تونس وبعد 12 ساعة من رحيلهم تم تصفيتهم في ليماسول
صورة للموساد
ومثلما يحدث في مرات كثيرة، غابت قضية عاطف بسيسو، عن اهتمامات الرأي العام الفلسطيني، ولكن هناك من كان حادث الاغتيال يعنيه بصورة مباشرة مثل زوجته ديما، ومحاميها فرانسوا جيبو، والقاضي جان لوي بروغيير، الذي كلّف بالتحقيق في ملف اغتيال عاطف بسيسو في قلب العاصمة الفرنسية، ومعرفة الجهة التي تقف وراء حادث الاغتيال.
وبعد مرور سبع سنوات، وفي شهر آذار (مارس) 1999م قدّم القاضي الفرنسي تقريره عن الحادث واتهم فيه الموساد الإسرائيلي بالوقوف وراء قتل بسيسو، وأنه استعان بذلك بالجاسوس عدنان ياسين لتنفيذ عملية اغتيال بسيسو.
وفتح ذلك من جديد ملف عدنان ياسين الذي أصبح أشهر جاسوس يتم اكتشافه كان يعمل في منظمة التحرير عقب انتقالها من بيروت إلى تونس، وكان مسؤولاً عن ترتيبات السفر في المنظمة.
وقال عدد من الكوادر الفلسطينية التي عرفت عدنان ياسين لمراسلنا انه كان يطلب من الواحد منهم ثلاث صور لانجاز معاملات الإقامة لهم في تونس وعندما يسال الواحد منهم لماذا ثلاث صور كان عدنان ياسين يجيب مازحا: صورة للتونسيين، وأخرى للملف، وثالثة للموساد..!
القاضي الفرنسي
وأثار نشر تقرير القاضي الفرنسي، سجالات بين الإسرائيليين والفرنسيين، مع غياب عربي وفلسطيني واضح ولم يفكر احد حتى بالإشادة بجهد القاضي بروغير، ومهنيته، فهذا الرجل أخذ المسألة، كما أتضح بشكلٍ جدي.، وليس كما كانت تفعل الأجهزة المشابهة في الدول الغربية الأخرى عندما يتعلق الأمر بالإرهاب الإسرائيلي على أراضيها.
علم بورغيير بأن ثلاثة أشخاص فقط علموا بنية عاطف بسيسو التوجه إلى فرنسا، ضيفاً على جهاز المخابرات الفرنسية أل (دي.أس.تيه)، وهؤلاء هم: زوجته ديما، وأحد المسؤولين في المنظمة وعدنان ياسين، وبعد التحقيق، اشتبه القاضي الفرنسي بعدنان ياسين بأنه وفّر المعلومات عن تحرّكات بسيسو للموساد الإسرائيلي.
وتوجّه القاضي إلى منظمة التحرير الفلسطينية، في مطلع عام 1993، مطالباً بتفاصيل المكالمات التي كان يجريها عدنان ياسين، من مقر المنظمة في تونس في اليوم الذي سبق حادث الاغتيال، وحسب مصادر فلسطينية فإن المنظمة لم تستجب، ولكن هذا القاضي، وجد طريقة للوصول إلى هدفه، ويعتقد أن المخابرات الفرنسية ساعدته بوضع يده على المكالمات التي كان يتركها عدنان ياسين في (آنسر مشين) الهواتف التي يتحدّث إليها في فرنسا وإيطاليا، وبعد تحليل هذه الرسائل تأكّد الفرنسيون من علاقة عدنان ياسين بالموساد.
ويبدو أن المخابرات الفرنسية أرادت أن تقدّم خدمة لمنظمة التحرير ضمن التعاون الاستخباري أو حتى.. ربما (تكفيراً) عن الإخفاق في حماية (ضيفها) عاطف بسيسو والذي وصله رجال الموساد وقتلوه على أرضها، أو أرادت أن تردّ صفعة الاغتيال إلى وجه الموساد، وسرت الحرارة في الخطوط الساخنة الفرنسية والتونسية والفلسطينية، وقبل اعتقال عدنان ياسين أخضع لرقابة مشدّدة وتم ضبط سيارة رينو 25 أرسلت إليه من ألمانيا، فاعترضتها الجمارك التونسية، وتم تفتيش السيارة واكتشاف أجهزة تنصت دقيقة فيها، وتم القبض على ياسين الذي وصف بأنه أخطر جاسوس لإسرائيل في منظمة التحرير، ولكن ربما كان ياسين الذي قدّم معلومات وافرة لإسرائيل في منعطف تاريخي في العلاقات بين إسرائيل والمنظمة، من الجواسيس المهمين الذين تم كشفهم، ولكنه ربما لم يكن أخطرهم، ففي عالمٍ مثل الجاسوسية لا يعترف بسهولة بأفعال التفضيل. وبعد اعتقال ياسين، أصبح مصيره غامضا، وتردد انه اعدم في المياه الدولية أو انه نزيل سجن في اليمن أو تونس،
** ليلة الاعتقال:-
ويبدو أن المخابرات الفرنسية أرادت أن تقدّم خدمة لمنظمة التحرير ضمن التعاون الاستخباري أو حتى.. ربما (تكفيراً) عن الإخفاق في حماية (ضيفها) عاطف بسيسو والذي وصله رجال الموساد وقتلوه على أرضها، أو أرادت أن تردّ صفعة الاغتيال إلى وجه الموساد، وسرت الحرارة في الخطوط الساخنة الفرنسية والتونسية والفلسطينية، وقبل اعتقال عدنان ياسين أخضع لرقابة مشدّدة
وفي يوم 25\10\1993 القى الامن التونسي القبض على عدنان ياسين ومعه ابنه الاكبر وفي التفاصيل التي اوردتها وكالات الانباء يوم 3\11\1993 ان الامن التونسي قد امسك بخطوط العملية من اجهزة الامن الفرنسية التي اخبرت الامن القومي التونسي بامر شحن سيارة من طراز مرسيدس محشوة بطريقة سرية بانواع متقدمة من المتفجرات واجهزة اتصالات وتصنت متطورة للغاية, وقد انتظرت المخابرات التونسية السيارة بسرية تامة وعند وصولها الى الميناء فوجئوا بان صاحبها المشحونة باسمه او الذي تقدم لاستلامها هو عدنان ياسين, وفورا القت القبض عليه حيث اودعته في سجن خاص تابع للمخابرات التونسية وبدأ التحقيق معه. وكانت مفاجأة المخابرات التونسية انه انهار في بداية التحقيق واعترف بكل علاقاته مع الموساد, وانه زرع اجهزة تصنت في مكاتب حكم بلعاوي ومحمود عباس (ابو مازن) وشخصيات قيادية اخرى. وقد لمحت مصادر امنية تونسية ان اعترافات عدنان ياسين القت الاضواء على العديد من الالغاز والاسرار التي حيرت الامن التونسي في الماضي, ومنها عمليات اغتيال خليل الوزير (ابو جهاد) في تونس عام 1988, واغتيال عاطف بسيسو في باريس عام 1992, مما يعني ان لعدنا ياسين ضلوعا معينة في هذه العمليات, وعمليات اخرى.
واعلنت المصادر الامنية التونسية انه كان يحتفظ بمحطة ارسال متطورة في منزله قامت بمصادرتها ومعها ثلاثة حقائب مليئة بوثائق خطيرة للغاية, ومن ضمن اعترافات الجاسوس انه كان يرسل ابنه هاني الى باريس ليسلم التقارير والمعلومات للموساد الاسرائيلي, وان ابنه هو نفسه الذي شحن له السيارة من فرنسا, وقد صرح مسؤول امني فلسطيني لجريدة الشرق الاوسط يوم 4\11\1993, بانه حسب اعترافات عدنان ياسين للسلطات التونسية فان تجنيده تم في عام 1991 في باريس اثناء وجوده لعلاج زوجته من مرض السرطان. وقد تساءلت مصادر عدة عن اسباب سقوط او عمالة عدنان ياسين, وهو الذي كان يعيش في بحبوحة مادية ورفاهية متناهية فهو يعيش في فيلا فخمة, ولديه عدد من السيارات بالاضافة الى ان اعضاء القيادة وعلى رأسهم ياسر عرفات كانوا يغدقون عليه الهدايا والاموال بحكم منصبه الحساس والخطير, اذ كان يشرف على كل القضايا والملفات السرية والعلنية المتعلقة بشؤون الفلسطينيين المقيمين في تونس, كما انه كان يشرف على ادخال الاشخاص الذين يقومون باتصالات سرية مع عرفات والذين يأتون من الارض المحتلة بالاضافة الى اشرافه على سفريات عرفات واعضاء القيادة كلها.
هذا وقد صرح نفس المصدر الفلسطيني بانه يستغرب عمالة عدنان ياسين, وهو في هذه الحياة المرفهة والموقع الحساس الخطير, الى درجة ان المنظمة دفعت حوالي (ربع مليون دولار) نفقات علاج زوجته في باريس ( الشرق الاوسط) 4\11\1993 الصفحة الاولى.
مصدر فلسطيني لصحيفة( الشرق الاوسط) واكد ان لجنة التحقيق الفلسطينية التي تم تشكيلها استبعد منها حكم البلعاوي, رغم انه المسؤول الاول عن الامن الفلسطيني, وهي المسؤولية التي تسلمها في اعقاب اغتيال الشهيد صلاح خلف, ودارت انذاك معارك طاحنة بينه وبين اعضاء اخرين من كوادر صلاح خلف, على اعتبار انهم اجدر منه بهذاالمنصب, وكانت اشد مراحل المعركة بينه وبين عاطف بسيسو الذي كان نائبا لصلاح خلف طوال سنين عديدة, وفجأة حسم عرفات الخلاف لصالح حكم بلعاوي, فتم تعيينه مدير للامن الفلسطيني, وبعد عام ونصف تقريبا اغتيل عاطف بسيسو في باريس, وقد تأكد ان عدنان ياسين كان قد التقى عاطف بسيسو في باريس قبل مقتله بساعات . واتضح بعد فترة قصيرة من ذلك بأن ياسين هو الذي حذر من مخطط اغتيال " إسحاق شامير " رئيس الحكومة الإسرائيلية وذلك من خلال الإسرائيلي " رفائيل ابراهام " الذي زار تونس وتلقى مبلغ 33 ألف دولار مقابل تنفيذ هذه المهمة . واعتقل ابراهام فور نزوله من الطائرة في مطار بن غوريون في كانون الأول عام 1992.
في السجن
ويقول بيرغمان إن الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات صُعقَ بخبر اعتقال مساعد موثوق له وذهب شخصياً لرؤيته في زنزانته في احد مراكز التحقيق التابعة لحركة فتح (في تونس) وسمع منه شخصياً روايته لما فعله. وكان الاستنتاج الذي لا مفر منه ان ياسين سيُعدم لانه كان بما لا يقبل الشك خائناً وعلى علاقة عميقة بقتل القيادي الفلسطيني عاطف بسيسو في باريس ...
لماذا لم يتم إعدامه ؟؟؟
وبعد التحقيق معه وقدم لمحاكمة مغلقة وحكم عليه بالسجن المؤبد وسجن ثلاث أعوام في تونس ونقل ياسين إلى سجن فلسطيني في منطقة حمام الشط بتونس وسمح له مرة واحدة فقط عام 1996 بزيارة وداع لزوجته قبل وفاتها بمرض السرطان في مستشفى بتونس . ونقل بعدها من اليمن إلى الجزائر . وفي نهاية المطاف قدمت له حياته كهدية فقط بفضل أنظمة قضائية دولية لم تمكن منظمة التحرير الفلسطينية من إصدار حكم بالإعدام عليه في دوله أخرى
الكاتـب الإسـرائيلي عندمـا أعلن بتاريخ 3/1/2004 أن عدنان ياسين حصل على اللجوء السياسي في السويد ولكننا لم نفاجئ عندما يعلن الموساد الإسرائيلي أن الجاسوس ياسين اصبح في إسرائيل .
حلق عدنان ياسين شنبه قبل أن يصعد في نهاية صيف 2003إلى طائرة شركة طيران أوربية متوجها لمحطة جديدة في حياته ، إذا أعد له مسبقا حق اللجوء السياسي في السويد
Enregistrer un commentaire