كيف تحافظ فتح على شعلتها متقده ؟
رغم كل الانشقاقات التي حدثت بها و رغم كل الانتكاسات التي مرت بها الثورة الفلسطينيه ، و كلما إعتقد البعض أن فتح ماتت ، تخرج فتح من تحت الأنقاض كطائر العنقاء " الفينيق " الذي يبعث من تحت الرماد ، رغم خلافات كوادرها و رغم ترهل أطرها التنظيميه أحيانا ، و رغم شعبويتها الزائده التي تجعل من أسرارها أحاديث الشارع ، و رغم تحملها أوزار فساد بعض مؤسسات السلطه ، و رغم كل مستاء أو كاره أو ناقم ، و رغم كل منتقد أو معارض ، و رغم عتب الصديق و كيد العدو ، ما زالت فتح بخير .
هي الحركة التي لم تتبنى آيديولوجيه فكريه محدده ، فترى في صفوف قادتها الليبرالي و القومي و الشيوعي و الديني ، إرتجلت آيديولوجيتها من تراب فلسطين الممزوج بعبق الشهداء ، قد تشعر بالتناقض و أنت تقرأ نظامها الأساسي ، فتشعر و كأنها حركة شيوعية ناقمة على الامبرياليه تارة ، و تارة أخرى تشعر بأنها قوميه تخاطب العمق العربي ، و تارة أخرى حركة وطنيه لها استقلاليتها ، و رغم كل التقلبات الدوليه و الاقليميه و رغم إنهيار حركات و أنظمه عالميه لكن فتح لا زالت بخير .
ليست حزبا سياسيا و إنما حركة تحرر وطني أرخت بندقيتها مؤقتا و لم تتخلى عنها ، إمتازت بالدهاء السياسي و الدبلوماسي فجعلت من القضيه الفلسطينيه عنوانا في منابر الأمم ، تم وصفها بالمهادنه ، و شن عليها البعض هجوما اعلاميا وقحا ، و رغم كل ذلك ما زالت بخير .
عبر قيادتها لمنظمة التحرير ، تعرضت لمؤامرات عربيه و دوليه ، و تشكلت ضد بعض قراراتها جبهة الرفض من عدة فصائل فلسطينيه ، و رغم ذلك ما زالت بخير .
أوجدت السلطه الوطنيه و خسرت انتخابات المجلس التشريعي الأخيره بعملية ديمقراطيه لم تزور فيها النتائج رغم قدرتها على ذلك ، و رغم خسارتها ما زالت بخير .
في أروقتها يتنافس الحرس القديم و الحرس الجديد رغم إيمانها بتعاقب الأجيال و تسليم الراية من جيل إلى جيل ، و رغم التنافس التنظيمي الشديد ما زالت بخير .
بعد 57 عاما على إنطلاقتها ما زال لمؤتمراتها الحركيه في المناطق و الأقاليم أهمية بالغه ، و رغم دخولها في دهاليز العائليه و منافسات العشائر تبقى لها كينونتها ، و رغم جهل بعض أعضائها بأدبياتها و نظامها الاساسي و الداخلي إلا أنهم فتحاويون بالفطره ، و مؤتمراتها العامه رغم إستشهاد معظم قادتها التاريخيين ما زالت مؤتمرات تفرز أعضاء لجنة مركزيه و أعضاء ثوري وفق تسلسل هرمي مبني على القاعدة التنظيميه ، و رغم كل " الحردانين " ما زالت بخير .
ينتقدها أبناؤها بدافع الغيرة عليها ، هؤلاء تحترمهم ، و منهم من يريد منها و لا يعطيها ، هؤلاء تلفظهم كما يلفظ البحر الجيف ، و تحمي في أعماقها المخلصين كما كنوز البحر ، و منهم من يتستر بها لمصلحه دون أن يعترف بأمومتها ، هؤلاء لا تحن عليهم ، قد يخدعوها مؤقتا لكنها سرعان ما ترتب تاريخها بحجم الإنتماء فيظهر العمالقه في الصداره و الأقزام يمحوهم عنفوان تضحياتها ، لديها لغة خاصة لا يفهمها إلا أبناؤها ، فتعرف من لا يجيد أبجدياتها ، تصنع القاده لكن من يظن أنه أكبر منها تحجمه و تلجمه ، و بعد 57 عاما ما زالت بخير .
يتهمها البعض بأنها تعيش على أمجاد و بطولات الماضي فتجيبهم بأن الوفاء ليس وهما ، و إسترجاع الذاكره هدفه الحفاظ على إتجاه الهدف ، لأجل فلسطين كانت و لأجلها ستبقى ، عدوها الوحيد و الأساسي و الرئيسي هو الاحتلال الصهيوني و حلفاؤه ، و رغم جبروت المحتل ما زالت شامخة و بخير .
من القاهرة إلى الكويت إلى عمان .. من بيروت إلى تونس .. من العواصم العربيه الى حضن الوطن ، من مخيمات التدريب ، من المعارك الأسطوريه ، من وحشة الإغتراب عن الوطن ، و ظلم و ظلام أقبية سجون الاحتلال ، تنقلت أم الولد و لا زالت بخير .
مشاربها متعدده لكن ينبوعها واحد ، و مدارسها متنوعة المنهج لكن القضية واحدة ، هي العاصفة في إنطلاقتها و الفهد الأسود في الإنتفاضة الأولى و كتا_ئب ش_هداء الأ_قصى في الإنتفاضة الثانيه ، تعددت أجنحتها العسكريه لكن الجسم واحد .
هي أبو عمار و أبو مازن و ما بينهما من تشابه كبير رغم إختلاف نبرة الصوت و هيئة المظهر ، هي خليل الوزير و صلاح خلف و دلال المغربي و محمود بكر حجازي و فاطمه البرناوي ، هي الشهداء و الأسرى و الجرحى و المبعدين و الفدائيين ، تحترم شركائها في النضال من التنظيمات الفلسطينيه رغم اختلاف الرؤيه السياسيه لكن العين واحده .. عين الفلسطيني التي تجابه مخرز الاحتلال ، و تركز نظرها نحو الدولة و القدس ، لهذا لا زالت فتح بخير .
عمار نزال - قباطيه
إرسال تعليق