قبل الشروع وددت أن أوضح تعريفا معينا الفلتان الامني " الفوضى"
وهي أولا :اختلاط الأمور بعضها ببعض... فهي تعمل وفق نظام خاص غير مفهوم أو مرئي فتبدو عشوائية في حين. ألا أنها ليست كذلك ،هي ببساطة حدث عشوائي يسبب حدثا عشوائيا آخر، وتحدد المرحلة التي وراءها، ولا يمكن ان يعرف ابدا اين بالضبط يمكن ان تتوقف.
وان تغييرات بسيطه في الاوضاع مع تجمع الأحداث يمكن ان تتحول بسرعة الى تغييرات كبيرة ، كفيروس يحدث فيه تغيير جيني بسيط يمكن ان ينشر مرض قاتل بسرعة.
عندما نذكر كلمة "فلتان " وحالات التعدي على الحقوق "والعربدة" في المخيم ، فهي حالات لا تتعدى ولا تستحق الذكر، ولا ترتقي إلى أن تشكل ظاهرة في الحيز العام للفلتان، مع تدهور مستويات المعيشة والبطالة والتعليم، وضيق مساحة المخيم وتدني مستويات الخدمات من الصحة، ومياه الشرب، والصرف الصحي، والتلوث، والتخلص من النفايات، والازدحام ، وفقدان مساحات للاطفال ، والسكن، وتحريم مواد البناء والبناء العشوائي ، ... الخ....
أن طبيعة المشهد المتأزم والحالة الأمنية المنفلتة , وغياب الدور الفاعل للقوى السياسية ومكونات المجتمع المدني , وغير ذلك من العوامل توحي أن المخيم متجه نحو حافية الانهيار . ولكن مثل هذا التحليل يتجاهل مدى قدرة الاوفياء على الخروج من مثل هذه المأزق الصعب في لحظات مفعمة بالوطنية والحكمة والتعقل جاءت في أكثر من أزمة , ونحن على ثقة أن أبناء المخيمات قادرون على إثبات ذلك ، قادرون على تفويت مثل تلك المخططات. وما يجعلنا على ثقة بأن أمام اللاجئين خط رجعة وعدم تدحرج الأمور إلى مرحلة الانفلات والفوضى , هو إدراكهم أن ما حدث ويحدث تحركه أطراف خبيثة .
لخلق الفتنة والتمهيد لصراعات دائمة لخلق الحقد والكراهية خدمة للمشروع الاسرائليي الذي يستهدفهم, وهذا الوعي سيسهم في تفويت مثل ذلك ، وإن الأمور لن تصل إلى حافة الهاوية ما دام ابناء المخيمات يدركون إن ليس هناك من مكان أخرغيرالمخيم يعيشون فيه، الى ان يأذن الله بالعودة لوطنهم، ومدى حاجتهم إلى مخيم متماسك و دولة لبنانية قوية وعادلة , وهذا ما يتطلب منهم جميعا على ترسيخ ودعم قواعد الامن في المخيم كجزأ من أمن لبنان , وان هناك ثقة بالكثير من القوى اللبنانية المخلصة تعمل على فرملة كل التداعيات الخطيرة للمشهد المتأزم في المخيمات .
الازمات يتعدد مفاهيمها وإدارتها ، هناك اختلاف وتباين من شخص إلى آخر، ومن ثم يصعب وضع تعريف يقبله الجميع .
لذلك لا يقبل من مطلق شخص ان يفرض وجهة نظرة ووضع سناريو ك ناصح بأغراق المخيم في مستنقع من الدماء ، للخلاص من ازمة بمعزل عن قواعد وأساليب حل الأزمات المتداول في الحركات الوطنية والانظمه الديمقراطيه. التي تتخذ وتبذل الجهد للتقليل من مخاطر مواجهة الحالات الطارئة والمفاجئة بخطوات للحد من الاثار السلبية المدمرة عن طريق استخدام الوسائل العقلانية بهدف المنع أو التخفيف من حدتها او السيطرة فى حالة حدوثها،
وهناك أنواع من أساليب حل الأزمات معروف متداول، واهم هذه الطرق:
1 - انكار الأزمة: حيث تتم ممارسة تعتيم اعلامي على الأزمة وانكار حدوثها, واظهار صلابة الموقف وان الأحوال على احسن ما يرام وذلك لتدمير الأزمة والسيطرة عليها. وتستخدم هذه الطريقة غالبا في ظل أنظمة السيطرة "الامر الواقع " والتي ترفض الاعتراف بوجود اي خلل .
2 - كبت الأزمة: وتعني تأجيل ظهور الأزمة، وهو نوع من التعامل المباشر مع الأزمة بقصد تدميرها.
3 - بخس الأزمة: أي التقليل من شأن الأزمة (من تأثيرها ونتائجها). وهنا يتم الاعتراف بوجود الأزمة ولكن باعتبارها أزمة غير هامة.
4 - تفريغ الأزمة: بأن يتم ايجاد مسارات بديلة متعددة امام قوة الدفع الرئيسية المولدة للازمة ليتحول إلى مسارات تستوعب خطورة الازمة وتقلل من تأثيراتها.
5 - اخماد الأزمة: وهي طريقة بالغة العنف تقوم على الصدام العلني العنيف بغض النظر عن المشاعر والقيم الإنسانية وهي اساليب يستخدمها الانظمه الاستبداديه.
6 - تنفيس الأزمة: وتسمى طريقة تنفيس البركان حيث يلجأ إلى تنفيس الضغوط داخل البركان للتخفيف من حالة الغليان والغضب والحيلولة دون الانفجار وهذا ماتتجه اليه الانظمه والحركات الديمقراطيه.
نحن الان ممن يؤمنون( بتنفيس الازمة) واحتواءها ومغادرة سياسة افتعال الأزمات وليس علاجها بالكي ، فكم من الأحداث ومحطات للعنف والصراع شهدتها المخيمات , سالت فيها الدماء , وتدمرت الكثير من الإمكانيات , وتسببت في خلق المزيد من الدمار والفقر , ونجد بعد ذلك أن تداعى الجميع وتم تجاوز الازمة , بالرغم من أمتعاض الفئات والأشخاص التي أوجدت هذة الصراعات وتغذيتها وزيادة اشتعالها فسقط العامل الخارجي وانتصر المخيم .
غازي الكيلاني
Enregistrer un commentaire