روسيا وإيران و”حزب الله”.. إسرائيل بين التهديد الثلاثي و”الهدوء
الخادع”
ينتهي العام 2022 بمواجهة
داخلية عاصفة على صورة إسرائيل كدولة ديمقراطية، لكن أيضاً بإحساس مضلل من تبدد المخاطر
من الخارج، مما جعل رئيس الوزراء الوافد أن يشدد على احتمال عقد اتفاق سلام رسمي مع
السعودية.
يبدو سبب ذلك أن اللاعبين
الأساسيين الثلاثة في الساحة العامة، التي هي ساحة التهديد الأساس على إسرائيل (روسيا،
وإيران، وحزب الله) مشغولون الآن، ظاهراً، بمشاكل أكثر إلحاحاً من ناحيتهم.
روسيا، التي جعلت سوريا
معقلها الأساس في الشرق الأوسط، وبالتالي جهة تجد إسرائيل نفسها ملزمة بمراعاتها، غارقة
حتى الرقبة في الأشهر الأخيرة في حربها في أوكرانيا.
أما في إيران فيضطر النظام
إلى التصدي لاحتجاج الحجاب للشهر الرابع. وحتى لو لم يكن بوسع المظاهرات أن تؤدي إلى
إسقاطه فورياً، فإنها مختلفة عن سابقاتها وتعبر عن مطالبة عنيدة بالحرية والمساواة
وإسقاط حكم آية الله.
في لبنان أيضاً، الذي
يعيش إحدى الأزمات الاقتصادية الأشد في العالم، فإن “حزب الله”، الذي تتهمه جهات عديدة
في الدولة أنه المسؤول عن التدهور، لا يزال من الصعب عليه تجنيد أغلبية لانتخاب رئيس
جديد يتعاون معه.
وما يساهم أكثر من ذلك
لوهم تقلص التهديدات على إسرائيل، حقيقة أن العودة إلى الاتفاق النووي بين إيران والقوى
العظمى، والتي وصفتها إسرائيل أنها خطيرة، تبدو الآن أبعد من أي وقت مضى.
لكن هذه الصورة مخادعة.
رغم الحرب في أوكرانيا، لم يتركوا الروس المنطقة تماماً، وهم ينشغلون في هذه اللحظة
أيضاً في محاولة التوسط بين اردوغان والأسد. الإيرانيون، رغم المظاهرات في الداخل،
يواصلون تصدير الإرهاب ومحاولة تهريب سلاح متطور إلى “حزب الله” في لبنان. وهذا الأخير،
رغم الأزمة الداخلية في لبنان، يواصل الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل.
لكن الحديث يدور عن أكثر
من هذا بكثير. فتحوُّل روسيا وإيران إلى دولتين منبوذتين في نظر الأسرة الدولية وتخضعان
لعقوبات متشددة، أدى في الأشهر الأخيرة إلى تعاون عسكري وأمني غير مسبوق بينهما. ما
كان ينبغي لإسرائيل أن تنتظر تحذيرات وزير الخارجية الأمريكي كي تفهم بأن روسيا قد
تدفع لإيران ثمناً للمساعدة التي تمدها بها – بتوريد مُسيرات انتحارية وصواريخ باليستية
– بعملة إسرائيلية. مثل تقييد إضافي لحرية عمل سلاح الجو في سماء سوريا ولبنان.
وهذا الموضوع أصبح ملحاً
أكثر، من اللحظة التي نشرت فيها التسريبات عن نية إيران تحويل إرساليات السلاح إلى
“حزب الله” من المسار البري عبر العراق وسوريا، إلى المسار الجوي عبر مطار بيروت. بشكل
شاذ، تسكت إيران و”حزب الله” الآن عن التحدي الذي رفعته إسرائيل إلى لبنان، في أنها
لن تتردد في مثل هذه الحالة في قصف المطار. لكن الجميع يدرك بأن قصفاً في بيروت لا
يشبه قصفاً في دمشق. هل سيساند الروس الإيرانيين؟ هل سيتجلد “حزب الله”؟ وكيف سيرد
الأمريكيون؟
الإحساس الكاذب بأن الحرب
في أوكرانيا أوقفت الشرق الأوسط عن السير، صحيح أيضاً بالنسبة للسباق النووي لإيران.
فالعودة إلى الاتفاق النووي قد تبتعد، لكن إيران تبدل دائماً أجهزة طرد مركزي قديمة
بجديدة وسريعة أكثر، وتواصل تخصيب اليورانيوم إلى درجة عسكرية، وهي على مسافة أسابيع
قليلة من جمع الكمية اللازمة لإنتاج قنبلة واحدة.
بقلم: عوديد غرانوت
إسرائيل اليوم
20/12/2022
Enregistrer un commentaire