-☟عوامل اختيار الهيكل التنظيمي:
يتحكم في اختيار الهيكل التنظيمي عدد من العوامل التي حددت لحركة (فتح) طبيعة اختيارها للهيكل التنظيمي الهرمي (بحسب المنطقة الجغرافية) كالتالي:
⓵ - الاستراتيجية
لقد بنيت استراتيجية حركة (فتح) على مفهوم التحرر الوطني والحرب الشعبية طويلة الأمد لذلك كان دور التوجيه والتعبئة والتربية التنظيمية والمركزية الديمقراطية دورا أساسيا ، وعبّر الهيكل عن ذلك بصغر عدد أعضاء الخلايا وتعددها، وقصر الممارسة الانتخابية على الأطر العليا التي مرت بتجارب معمقة وعمليات إعداد تنظيمي مسبق.
⓶- الأعضاء
أخذت الحركة بعين الاعتبار أن تكون حركة الطلائع الثورية المنظمة والتي تمثل رأس الحربة للجمهور ورفضت أن تكون بذلك تنظيم الصفوة والنخبة فاتجهت للجماهير وحاولت المزج بين طليعيتها وجماهيريتها فعبر الهيكل التنظيمي عن ذلك باتساع القاعدة.
⓷ - المركزية الديمقراطية
مثلت المركزية الديمقراطية أسلوب حياة التنظيم وطريقة الاتصالات المقررة بين أعضاء التنظيم وبينهم وبين القيادة ( وإن كان التنظيم في الوطن ينزع نحو ديمقراطية واسعة طبقها من خلال المؤتمرات).
⓸ - حجم التنظيم (المنظمة).
⓹ - البيئة الخارجية.
ويمكن التمييز في هذا الجانب بين ثلاثة أنواع من البيئة، لأنه عند فحص تأثير البيئة على الهيكل التنظيمي للتنظيم (المنظمة) فهناك.
• البيئة المستقرة.
• البيئة المتغيرة.
• البيئة المضطربة.
ولأننا في حركة (فتح) نعيش في بيئة متغيرة أو مضطربة فان تعقيد الهيكل التنظيمي يزداد، وكلما زاد تغير عوامل البيئة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية كلما زاد تعقد الهيكل التنظيمي وزادت الإشكالات و التدخلات وكما هو حاصل بالفعل في عملية الانتخابات للأقاليم في الوطن وفي نشوء منظمات على هامش الهيكل التنظيمي المنصوص عليه في النظام الأساسي لحركة (فتح).
أنواع الهياكل التنظيمية :
❶ -الهيكل التنظيمي الرأسي (الهرمي) : وهو المتبع في التنظيمات عامة، ومنها السياسية وفي حركة (فتح) حيث ترتبط خطوط الاتصال والسلطة معا بشكل واضح يدل على سلطة المستوى الأعلى في إصدار الأوامر والتعليمات للمستوى الذي يليه. وكان أول استخدام لهذا النظام الهرمي وبشكل مركزي صارم هو التطبيق العسكري.
☜ - يتميز هذا الهيكل ببساطته ووضوحه وسهولة فهمه، فكل مرءوس (عضو) يعرف من هو رئيسه (مسؤوله) ومدى سلطاته ومسؤولياته . وفي هذا الإطار تتخذ القرارات بسرعة وحسم وان كان هناك سلسلة طويلة تمنع سهولة وصول المعلومات والقرارات، ويناسب هذا الهيكل التنظيمات التعبوية والحزبية غير التخصصية.
☜ -ونظرا لان للمسؤولين في مثل هذا الهيكل سلطات واسعة فان المسؤول (القائد) يتوجب عليه إن يكون ذو علم وثقافة وسعة إطلاع تمكنه من القدرة على تفهم مختلف الأمور الإدارية لتتناسب مع سلطاته الواسعة.
❷ - الهيكل ا لتنظيمي الاستشاري: والذي يضم إلى جانب الهياكل الرسمية (الهرمية) لجانا استشارية. ولكن عيوب مثل هذا النظام تتمثل بالصراع الذي سرعان ما ينشأ بين المستشارين والتنفيذيين من جهة، وبين بعض القيادات (المسؤولين في أطرهم) والاستشاريين من ذوي القدرات الفعالة في تطوير العمل.
❸ - الهيكل التنظيمي الشرائحي: بحسب ما هو متبع في منظمات الأحزاب الاشتراكية المرتبطة بقيادة الحزب (منظمة الطلبة، منظمة الشبيبة، منظمة نقابات العمال، منظمة المرأة...). والذي يتيح مساحة أوسع من الحرية والاتصالات المفتوحة بين الأعضاء التي قد تصل إلى حد التسيب وعدم الانضباط. إلا إن استثمار مثل هذا الهيكل بشكل جيد قد يساعد على تنمية روح التعاون بين الأعضاء لتشاركهم في المعلومات واتخاذ القرارات.
❹ -الهيكل التنظيمي الجغرافي : وفي حركة (فتح) تم الجمع بين التسلسل الهرمي والمنطقة الجغرافية وعدد المنتسبين للحركة ليصار إلى إطلاق اسم الوحدة (خلية، حلقة، جناح، شعبة، منطقة، إقليم).
وهناك هياكل تنظيمية أو أشكال اتصالات أخرى لن نبحثها هنا منها (الاتصال الأفقي) والاتصال عبر شبكة (النجمة) أو شبكة (الدولاب).(1)
الخريطة التنظيمية
وهي عبارة عن صورة أو مخطط لهيكل التنظيم (المنظمة) والذي يبين الوحدات التنظيمية والأعمال الموجودة فيها وخطوط السلطة والمسؤولية التي تربط بين أجزاء التنظيم (المنظمة) وأهم فوائد هذه الخريطة:
1☜ - تحديد إطار التنظيم ووحداته التنظيمية والأعمال.
2 ☜ - توضيح كيفية تقسيم العمل بين الأعضاء (الواجبات).
3☜ - توضيح خطوط الاتصالات (السلطة والمسؤولية).
4 ☜ - توضيح العلاقات بين الأطر (الحقوق).
5 ☜ - توضيح عدد المستويات التنظيمية.
6 ☜ - بيان اللجان والقيادات سلطاتها وعلاقاتها بالمرؤوسين.
وغالبا ما نستخدم في رسم الخريطة الشكل الانسيابي الرأسي بمعنى أن المستوى القيادي الأول يكون في الأعلى وتنبثق عنه السلطات والمسؤوليات، ومن الممكن إن تأخذ الشكل الأفقي أو الشكل الرأسي من أسفل إلى أعلى أو الشكل الدائري.
ويوضح النظام الأساسي لحركة (فتح) الحقوق والواجبات للأعضاء ومهمات المسؤولين في الأطر القيادية (منطقة، إقليم) ومهمات عمل كل إطار وصولا للجنة المركزية لحركة فتح.
تقسيم المهمات (أعمال التنظيم):
إن تقسيم النشاطات أو الواجبات في الإطار التنظيمي تخضع في تحديدها لأربعة خطوات كالتالي:
➀ وضع الأهداف
➁ تحديد النشاطات الضرورية لتحقيق الأهداف
➂ الأعمال (المهمات) المتضمنة لهذه النشاطات
➃ تحديد المسؤولين عن تنفيذ هذه النشاطات.
ويستدعي ليأخذ هذا الأسلوب حقه في التطبيق إن يخضع للتالي:
⓵ - تجنب التداخل في المسؤولية: وهو ما يحدث عندما يكون اثنان أو أكثر مسؤولين عن إنجاز نفس النشاط أو التكليف.
⓶ - تجنب النقص في المسؤولية: وهو ما يحدث عندما لا تكون أعمال معينة مشمولة ضمن حدود مسؤولية أي شخص.
⓷ - تجنب خلق نشاطات وأعمال لا تؤدي إلى الإسهام في تحقيق أهداف التنظيم.
الشخص المسؤول
إن الكادر في التنظيم هو شخص" له سمات مختلفة في كل منظمة" مسؤول " عن وأمام" بما يعني انه (يقوم بالواجبات أو المهمات أو النشاطات المخصصة له، ويلتزم بإنجازها) ولكي يستطيع المسؤول إن يضمن قبولا اكبر والتزاما أوسع بالقرارات فان عليه إن يتبع الإجراءات التالية:
⑴ - استخدام القنوات الرسمية المعروفة.
⑵ - تحديد قناة الاتصال الرسمية بوضوح لكل عضو.
⑶ - أن يكون الاتصال بين المسؤول والأعضاء مباشرا.
⑷ - توصيل القرارات عبر التسلسل.
⑸ - أن يكون كل مسؤول متمرسا في الاتصالات مع الآخرين.
⑹ - أن يكون القرار قد وصل للشخص المعني كما هو.
ولقبول سلطة إصدار الأمر من القيادة للمستويات التنظيمية المختلفة يقول المفكر (برنارد) (2) إن ذلك يتحقق في الحالات التالية:
⑴ - إذا استطاع الفرد أن يفهم الأمر الصادر إليه.
⑵ - إذا اعتقد الفرد أن الأمر منسجم مع أهداف التنظيم.
⑶ - إذا ارتأى الفرد أن الأمر منسجم مع اهتماماته الشخصية.
⑷ - إذا كان الفرد قادرا ذهنيا وجسديا على إطاعة الأمر والاستجابة إليه.
إن المسؤولية التنظيمية والتي تعني (الالتزام بتنفيذ وتحقيق المهام على الوجه المستهدف) هي أحد مهمات العمل في أطر التنظيم بدء من الإطار الأعلى ومكتب التعبئة والتنظيم، فلجان الأقاليم ولجان المناطق، والمسئول التنظيمي من الناحية الإدارية هو المدير في المستوى الأول في نطاقه وهو حلقة الوصل بين القيادة أو الإطار الأعلى وبين القاعدة، لذلك فهو على اتصال بفئات ثلاث هي:
❶ - الأعضاء ضمن مسؤوليته أو تحت إشرافه ويتوقعون منه الإنصاف والتفهم.
❷ - الزملاء في نفس الإطار أو اللجنة ويتوقعون منه التعاون والاتصالات (3) .
❸ - مسؤوليه (قيادته أو رؤسائه) ويتوقعون منه تحقيق أفضل النتائج بأقصى جهد واقل التكاليف وأقصر مدة. ولمقابلة هذه التوقعات فإنه لا بد للكادر في موقع المسؤول التنظيمي من:
⓵ - التحلي بالإيمان والقناعة والالتزام بغايات وفكر وأهداف التنظيم ونظامه الأساسي.
⓶ - الإلمام بالمبادئ الأساسية للتنظيم.
⓷ - القيام بواجباته نحو نفسه ونحو الجماهير ونحو التنظيم والذي يقتضي منه الفهم الواعي للسلوك الإنساني ودوافعه وحوافزه.
⓸ - الإلمام الكامل بأهداف وواجبات واختصاصات مهمته أو عمله أو تكليفه.
والكادر القائد، المسؤول باعتباره إنسان يرى د.احمد صقر عاشور انه يجب إن يتميز بعدد من الخصائص السلوكية كما يلي:
⓵ - المبادرة والابتكار والمثابرة والطموح.
⓶ - التفاعل الاجتماعي: بالنشاط والايجابية بأكثر من الوعي وبدرجة اكبر من الذكاء.
⓷ - العلاقات (الاتصالات): بأن يضبط الاتصالات بين الأعضاء ويحرس التماسك.
⓸ - التمثيل الخارجي للجماعة: بأن يكون كسفير للتنظيم لدى الأطر الأخرى.
⓹ - التكامل: بتخفيف حدة التوتر وجمع شمل الجماعة.
⓺ - التخطيط والنظام والعدل.
⓻ - الإعلام: بإطلاع القائد لجماعته على حقائق الأمور.
⓼ - التقبل والاعتراف المتبادل بين القائد والعناصر: بالعلاقات المعززة ومراعاة مشاعرالآخرين.
⓽ - التوافق: بالرزانة وتقبل الآراء المخالفة والنقد كمن يعمل داخل كأس من الزجاج.
⓾ - الشعور بالمسؤولية لأنه كلما ارتفع المستوى التنظيمي صعب احتساب أو قياس المسؤولية، لذلك فالقيم الخلقية حاسمة وضرورية وخاصة في الأطر العليا.
هوامش :
(1) للرجوع لهذه الأشكال من الاتصالات التنظيمية تراجع دراسة: الاتصالات في التنظيم ، من إصدار مدرسة الكوادر .
(2) من الممكن الرجوع إلى كتاب د.مصطفى شاويش ، الإدارة الحديثة ، دار الفران، عمان 1993 .
(3) من الممكن الرجوع إلى النظام الأساسي لحركة (فتح) للإطلاع على بناء الهيكل التنظيمي.
إرسال تعليق